مقالة

يظن البعض أن “صفاته الشخصية” هي مصيره المؤبد في الحياة، إلا أن الواقع هو أن صفاتنا أو سماتنا الشخصية ما هي إلا ميول وتفضيلات وسلوكيات واهتمامات وقيم ومفاهيم يمكن أن تتغير وتتشكل حسب حاجة ورغبة الفرد ومحاولاته الجادة، وتبعًا لظروف الحياة وتجاربها، ومع تقدمه بالعمر*. فمثلًا، يمكن لمن يميل للخجل أن يتجاوز هذه السمة ويتأقلم مع الكثير من ظروف الحياة الاجتماعية عندما يأخذ على عاتقه أدوارًا اجتماعية تتطلب التفاعل مع الآخرين بشكل أكبر، وعندما تكون لديه الرغبة والهدف بتجاوز هذه السمة. ويميل الناس إلى أن يصبحوا مع تقدمهم بالعمر أكثر ثقةً بأنفسهم وانضباطًا وانتظامًا وودادًا ودعمًا وتحكمًا بالعواطف والذات. كل هذه تُعتبر دلالات علمية على أن سماتنا الشخصية قابلة للتغير.

إن سماتنا الشخصية في الغالب ليست تصنيفات مستقلة ومطلقة، أنا كذا أو كذا، وإنما هي سمات نسبية متضادة على إمتداد (أشبه بالمسطرة) ويكون الناس في مكان ما على هذا الامتداد (أُنظر للصورة المرفقة). فمثلًا، نادرًا ما يكون هنالك شخص اجتماعي أو انطوائي بالكامل، ولكننا قد نميل للاجتماعية أكثر أو للانطوائية أكثر مع وجود الجانب الآخر فينا*، مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظمنا يكون في مكان ما على منتصف الامتداد (في الوسط).

تفشل مقاييس الشخصية الشائعة وغير العلمية مثل الـ(MBTI) في استيعاب هذا الجانب الأساسي من الشخصية، مما يدفعها لتصنيف الناس، خطأً، إلى فئات بشكل قاطع وجازم: أنت كذا أو كذا. على سبيل المثال، يعتبر محمد نفسه أنه اجتماعي تمامًا حسب مقياس (MBTI)، ولكن ما لا يعرفه محمد هو أن لديه أيضًا جانب انطوائي حتى وإن كان بنسبة أقل. فالصحيح هو أن يقول محمد أنني أميل للاجتماعية أكثر:

الاجتماعية——(محمد) ————الانطوائية

إذا كنت تصنف نفسك وفقًا لمقياس (MBTI)، فربما حان الوقت لأن تتوقف عن ذلك. 

*علميًا الشخصية تعتبر بنية ثابتة نسبيًا بمعنى أنها لا تتغير بشكل سريع ولكنها ليست دائمة الثبات، أي يمكن أن تتغير.
*على عكس الشائع فإن الانطواء ليست سمة سلبية.